تقرير البوصلة ...احتقان وتأزّم يشلاَّن مجلس نواب الشعب

تقرير البوصلة ...احتقان وتأزّم يشلاَّن مجلس نواب الشعب

 

اصدرت منظمة البوصلة اليوم تقريرها بشان الوضع المتأزم الذي يشهده مجلس النواب في الآونة الاخيرة وجاء في البلاغ ما يلي:

شهد مجلس نواب الشعب في الفترة الأخيرة مناخا غير مسبوقا من التشنج والعنف والاستقطاب بين مختلف مكونات المشهد البرلماني. وقد أدى هذا الوضع الى تعطيل السير العادي لأعمال المجلس وعدم انعقاد مختلف جلساته العامة بطريقة عادية. تواصل هذا الشلل المؤسساتي أصبح يمثل تهديدا حقيقيا للمسار الديمقراطي في تونس بتحويل السلطة التشريعية الى فضاء يسوده العنف والكراهية خطابا وفعلا الى حد الدعوة الى القتل بين بعض الخصوم السياسيين.

يُعتبر هذا الوضع نتيجة لعدة تراكمات شهدتها هذه العهدة البرلمانية أولها سوء حوكمة المجلس الذي يظهر أساسا في الخرق المتعمّد وبوتيرة متسارعة للنظام الداخلي في العديد من المناسبات، خاصة من قبل مكنب المجلس؛ كتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية حول شبهة تضارب المصالح المتعلقة برئيس الحكومة (انطلاق أعمالها قبل الإعلان عن تكوينها في الجلسة العامة ونشر تركيبتها على الموقع الرسمي للمجلس واعتماد بداية الدورة البرلمانية وليس الفترة الحالية كتاريخ مرجعي لتوزيع المقاعد ما يعني إقصاء الكتل الحديثة). بالإضافة الى استعمال سلطة تقديرية غير منصوص عليها في النظام الداخلي من خلال رفض اللائحة المقدمة من قبل كتلة الدستوري الحر حول تصنيف جماعة الاخوان المسلمين منظمة إرهابية.

كما تم إعفاء النائبة مريم اللغماني (الكتلة الوطنية) من عضوية لجنة الحقوق والحريات بتعلة اعتماد، مرة أخرى، بداية الدورة البرلمانية كتاريخ مرجعي لتوزيع المقاعد، وذلك بالتوازي مع تصويت اللجنة على مشروع القانون المنقح للمرسوم المتعلق بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الذي رافقه وجود شبهة تضارب مصالح لدى جهة المبادرة وأعضاء من مكتب مجلس اللجنة المتعهدة بالنظر.

من جهة أخرى، ازدادت حدة التوتر تحت قبة المجلس بتعمد نواب كتلة الدستوري الحر اعتلاء منصة رئاسة المجلس في قاعة الجلسات العامة عدة مرات للمطالبة بتنحي رئيس مجلس نواب الشعب عن منصبه، مما عطل انعقاد الجلسات العامة للبرلمان في أكثر من مناسبة. وذلك في تجاهل كامل لقواعد سير العمل المنصوص عليها بالنظام الداخلي وكيفية ممارسة المعارضة لحقها في الاحتجاج في إطار احترام ما يكفله القانون.

رصدت منظمة البوصلة هذه الانحرافات الأخيرة منذ أشهر والتي تسارعت وتيرتها مؤخرا ونددت في عديد المناسبات بالتجاوزات الحاصلة التي تساهم اليوم في تعفن الوضع البرلماني.

 تبعا لذلك، تؤكد منظمة البوصلة أن هذا الوضع ينبئ بأزمة سياسية حادة ظهرت أولى بواردها في شلل مجلس نواب الشعب، أحد أهم السلط الدستورية، وعدم قدرته على الاضطلاع بمهامه بشكل طبيعي بما يخدم المصلحة العامة.

وفي هذا الإطار تدعو المنظّمة إلى:

  •  ضرورة ضبط النّفس ونبذ خطابات العنف والكراهية والاستقطاب المتكررة من بعض الكتل والمتمثلة في استعمال العبارات العنصرية والمعادية للمرأة بلغت درجة المناداة بإعدام والتخلص من الخصوم السياسيين. كما يتوجب على مختلف المكونات البرلمانية أن تسهر على احترام حرمة مجلس نواب وسيادته باعتباره الممثل لإرادة الشعب والمدافع على مصالحه؛
  •  تُحَمِّل رئاسة المجلس مسؤولية الإشراف على حسن تسيير مجلس نواب الشعب من خلال إعطاء المثل في احترام مقتضيات النظام الداخلي لا خرقه، وضبط النظام داخله وفقا لمبادئ الحياد والمساواة بين مختلف الكتل النيابية؛
  •  احترام كافة الكتل النيابية لأحكام النظام الداخلي للمجلس واللجوء فقط الى الآليات القانونية التي اقرها للتعبير عن مختلف المواقف السياسية دون تعطيل السير العادي للمؤسسة التشريعية؛
  •  ضرورة استئناف السير العادي لأشغال المجلس نظرا لأهمية الدور المُفترض للسلطة التشريعية وحرص جميع مكونات المشهد البرلماني، مجلسا وكتلا، على عدم تكرار ما حصل تحت قبة البرلمان؛
  •  تُحَمِّل رئيس الجمهورية لمسؤوليته كضامن لتطبيق الدستور وسير العمل السياسي في كنف الديمقراطية واحترام القانون والعمل على إيجاد سبل للخروج من الشلل الواقع في المشهد البرلماني حاليا؛
  • التفاف قوى المجتمع المدني من جديد في هذا الوضع الدقيق لتنقية أجواء المناخ السياسي الحالي والعمل في اتجاه تدعيم الانتقال الديمقراطي ونبذ خطاب العنف والكراهية والاستقطاب.