24 أكتوبر... تونس بدون رئيس؟
رحم الله الباجي وغفر له ولنا جميعا...
وأعان الله الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لحل الاشكالات العويصة المتعلقة بالروزنامة الجديدة للانتخابات. ذلك أنه بحسب القانون الانتخابي الحالي فإن 90 يوما لن تكفي لتنظيم انتخابات رئاسية على دورتين.
وقد صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في اللقاء التشاوري الموسع حول روزنامة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والمنظم يوم الاثنين 30 جويلية بنزل لايكو بتونس، أن الآجال المنصوص عليها في القانون الانتخابي الحالي تفضي إلى تجاوز الآجال الدستورية بـ 47 يوما.
للتذكير فإن الفقرة الأخيرة من الفصل 84 من الدستور تنص على أن تولي رئيس مجلس نواب الشعب لمهام رئيس الجمهورية يكون بصفة مؤقتة لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما. بما يعني أن السيد محمد الناصر مطالب بترك منصب الرئاسة قبل نهاية يوم 23 أكتوبر. (باعتبار أن شهري جويلية وأوت بهما 31 يوم).
كما تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 86 من الدستور أنه خلال المدة الرئاسية الوقتية يُنتخب رئيس جمهورية جديد...
بما يعني أن الأجل الأقصى للتصريح عن النتائج النهائية للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية يكون يوم 22 أو 23 أكتوبر، حتى يتمكن الرئيس المنتخب من أداء اليمين وتولى مهامه بدلا عن السيد محمد الناصر يوم 24 أكتوبر كأقصى تقدير.
لكن حين نتمعن في الآجال التي يفرضها القانون الانتخابي ندرك أن المهمة لن تكون سهلة مطلقا... ذلك أن انتخاب رئيس للجمهورية سيتطلب على الأرجح دورتين، فلا نرى من يمكنه كسبها من الدورة الأولى بأكثر من 50%.
وبحسب جدول روزنامة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، الذي أعدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن يوم 21 أكتوبر يكون يوم الاعلان عن النتائج النهائية للدور الأول فقط.
فإذا اضطررنا للمرور إلى الدور الثاني، وهو الأرجح، َفإن القانون الانتخابي يفترض أسبوعين لتنظيم الاقتراع للدور الثاني تتضمن الحملة الانتخابية (الفصل 112 من القانون الانتخابي).
وباعتبار أن فترة ما بعد يوم الاقتراع للدور الثاني تتضمن الاعلان عن النتائج الأولية ثم فترة الطعون التي تتجاوز في مدتها القصوى 30 يوما، ثم الاعلان عن النتائج النهائية للدور الثاني، فقد قدرت الهيئة العليا المستقلة أننا سنتجاوز الأجل الدستوري بـ 47 يوما.
وبناء على هذا السيناريو الذي لا نتمناه لبلادنا، فأننا سنستفيق صباح يوم 24 أكتوبر من دون أن يكون لتونس رئيسا للجمهورية، ليستمر الوضع لأكثر من شهر ونصف، أي إلى حدود 9 أو 10 ديسمبر لتنصيب رئيس جديد للجمهورية التونسية.
وبعد،،، ماذا سيحصل لو بقيت تونس من دون رئيس للجمهورية لأزيد من شهر ونصف؟
يتصور الكثيرون أن دور رئيس الجمهورية ثانوي وشكلي في ظل الدستور الجديد، لكن الحقيقة خلاف ذلك، فهو يمسك بالصلاحيات السيادية الكبرى وهو رمز وحدة الدولة التونسية، وضامن استقلالها واستمراريتها هو الساهر على احترام الدستور(الفصل 72 من الدستور).
وفي حال انتخاب مجلس نواب شعب جديد قبل يوم 13 نوفمبر 2019، كما هو وارد في روزنامة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كأخر أجل، فإن الفقرة الثانية من الفصل 89 من الدستور تفترض أن يقوم رئيس الجمهورية في أجل أسبوع من الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية بتكليف مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بالمجلس بتكوين الحكومة.
فإن تعذر ذلك بسبب فراغ منصب رئيس الجمهورية، فسنكون أمام خرق إضافي للدستور.
كما تتمثل خطورة الفراغ الدستوري في كون رئيس الجمهورية هو المختص في ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والامن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية. فلا ننسى أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الامن القومي، وهو من يعلن الحرب ويُبرم السلم، وهو من يتولى التعيين والإعفاء في الوظائف العليا العسكرية والدبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي، فضلا عن اتخاذ التدابير التي تحتمها الحالات الاستثنائية (الفصول 77 و78 من الدستور).
وباعتبار أن رئيس الجمهورية هو من يتولى المصادقة على المعاهدات الدولية وختم القوانين والإذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الفصول77 و81 من الدستور)، فإن الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية سيعطل ختم وإصدار كل القوانين والمعاهدات، وقد رأينا خطورة هذه المهمة عند تأخر ختم القانون المتعلق بالتعديلات المتعلقة بالقانون الانتخابي في الأيام الأخيرة من حياة الرئيس الباجي قائد السبسي.
وباعتبار أنه في هذه الفترة لا يمكن تقديم أي مبادرة أو اقتراح لتعديل الدستور لتمديد المدة الرئاسية الوقتية (الفصل 86).
فإن الحل الوحيد بيد مجلس نواب الشعب لتعديل الفصل 49 من القانون الانتخابي أو استحداث اجراءات استثنائية مؤقتة تمكن من التسريع في الآجال المنصوص عليها في القانون الانتخابي وتضمن احترام أجل الـ 90 يوما.
بناء على كل ما سبق، فإن ائتلاف أوفياء يعتزم تنظيم نقطة صحفية لتقديم مقترحه لتجاوز هذه الأزمة، ولعرض مشروعه في رصد الاعلام خلال الفترة الانتخابية، وذلك يوم الخميس 1 أوت 2019 بمقره الكائن بعـدد 55 شارع باريس، قصر المدينة، بلوك A، الطابق الثالث، شقة A10، 1001 تونس.
نبيل اللبّـاسي
رئيس ائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات
تعليقات فيسبوك